الخميس 28 مارس 2024 - 19 شهر رمضان 1445هـ

ميزانية 2017 .. الأولى في تاريخ السعودية

ميزانية 2017 .. الأولى في تاريخ السعودية


لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية نشهد صدور ميزانية الدولة ببيان تفصيلي توضيحي لكل بنودها .. مصحوباً برسوم بيانية وصوراً انفوجرافيك توضيحية لها .
ولم تكتفي وزارة المالية هذا العام بنشر البيان كعادتها السنوية فحسب .. بل قامت مشكورة بخطوة أكثر من رائعة (بتوجيه كريم من المقام السامي) بعمل مؤتمر صحفي جلس به 5 من رجالات الدولة يمثلون أهم الوزارات والهيئات ذات العلاقة من أجل شرح وتوضيح أكثر لبيان وزارة المالية الخاص بإعلان ميزانية السعودية 2017 ..وهذا بهدف ترسيخ وتفعيل مبدأ الشفافية والتواصل المباشر مع أهل الاختصاص في الاقتصاد والإعلام وتم بثه على الهواء مباشرة في التلفاز .
هذه الخطوة استحوذت على اهتمام واستحسان كبير من الجميع .. للأسف افتقدناها في الحقبة الماضية .
ولكن عزاؤنا الوحيد هو على رأي المثل ( أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي ).

ماذا حملت لنا ميزانية 2017 ؟
لن أستعرض هنا تفاصيل وأرقام الميزانية .. فهي منشورة في موقع وزارة المالية وقد أشبعها غيري من رجال الاقتصاد شرحاً وقراءة .. ولكني هنا سأقرها من وجهة نظري عبر نقاط سريعة :

أولاً: من خلال جلوسي بالمجالس في 42 ساعة الماضية وأيضاً متابعتي لما يتناقله المواطنون في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الحوارات التي تتم في قروبات الواتساب .. نجد أن أغلب أحاديثهم إن لم تكن كلها هي قراءات في ميزانية 2017 بشكل موسّع خلاف الميزانيات السابقة .. وأنا أوعز ذلك إلى الخطوة الجديدة في عمل المؤتمر المصاحب لإعلان الميزانية والشفافية التي حضي بها مما جعل هناك ارتياحاً شعبياً حولها .

ثانيا: في هذه الميزانية نجد أن خطاب الحكومة للمواطنين يدعوهم ويحثهم على أن يكونوا شركاء في التنمية ودعامة للاقتصاد من خلال إطلاعهم على برامجها من أجل تحوّل الاقتصاد من ريعي معتمد على دخولات النفط إلى اقتصاد منتج .

ثالثاً: طمأنة الحكومة للمواطنين ذوو المدخولات المنعدمة والضعيفة والمتوسطة والفوق متوسطة والذين يمثلون ما يقارب بين ثلثي إلى ثلاثة أرباع المواطنين بأن ما ستقوم به من إجراءات إصلاحية تصبّ في صالح الاقتصاد لن يكون أثره السلبي واضح ومؤثر فيهم .. بل أن الحكومة وضحّت بأن ما كانت تقوم به في السنين السابقة من دعم لم يكن موجهاً لمن يستحقه بشكل دقيق بل أكثر من استفاد منه هو مايقارب 16 مليون غير سعودي والذين يمثلون 44% من سكّان السعودية بالإضافة إلى مايقارب 6 مليون سعودي يمثلّون ما نسبته 30% من السعوديين هم من الطبقة الغنية الغير محتاجة لدعم الحكومة .
وفي هذه الحالة نجد أن الحكومة خطت خطوة أكثر من رائعة في مسألة إعادة ترتيب وتوزيع الثروة بين مواطنيها .. وذلك من خلال برنامج ( حساب المواطن ) الذي سيتم العمل به في النصف الأول من 2017 بإذن الله .

رابعاً: طمأنة الحكومة لعموم مواطنيها والمقيمين العاملين على أراضيها والمؤسسات والشركات من القطاع الخاص بانها لن تفرض أي ضرائب على مداخيلهم ..

خامساً : توضيح الحكومة لخططها المستقبلية حتى عام 2020 م والتزاماتها والتي ستعطي القطاع الخاص ثقة أكبر في استثماراته داخل السعودية بعيداً عن أي مفاجآت غير سارة تزعزع تلك الثقة ولا تساعد القطاع الخاص في وضع خططه بشكل دقيق ومرسوم .

سادساً : وجدنا في إعلان ميزانية 2017 م التزام الحكومة بسداد ما عليها من مستحقات متأخرة للقطاع الخاص حالاً .. والالتزام بأن لا تأخير في المستقبل في صرف مستحقاته بأكثر من 60 يوماً ..
وفي هذا الالتزام سنشاهد نشاط القطاع الخاص ورفع كفاءته وأيضا سنشاهد ثقة القطاع البنكي في تقديم التمويل للقطاع الخاص وثقته بعدم تعثر السداد .. وهذا ما سيساعد في نشاط القطاع المصرفي والذي يعتبر أيضا ركيزة هامة في دعم الاقتصاد .

سابعاً : أجمل ما حملته لنا ميزانية 2017م هو برنامج ( التوازن المالي ) والذي يوضّح لنا الكثير من الخطط والسيناريوهات والخطوات والإجراءات التي من شأنها أن تخلق التوازن المالي بعد أن رأيناه خلال السنين السابقة منعدما بسبب عشوائية الانفاق والمصروفات والذي لم يكن منضبطاً ومعرضاً لمفاجآت ومخاطر الاقتصاد من أي عوامل كانت داخلية أو خارجية ..
كذلك نلاحظ في هذا البرنامج أنه قد اشبع بكافة التفاصيل والتي تجعل الجميع على اطلاع تام ومشاركاً في تحوّل اقتصاد السعودية كما أسلفنا من اقتصاد ريعي إلى منتج وأن يكون اقتصاداً :
متوازن ومستدام ومزدهر بإذن الله.

ثامناً : تحوّل الجميع ( مواطنون و مقيمون و مؤسسات و شركات ) في أساليبهم من الإسراف والعشوائية إلى الترشيد والانضباط في مسألة المصروفات والنفقات وذلك من خلال رفع الحكومة يدها عن دعمها للكثير من خدماتها سواء على مستوى الطاقة والماء والتي وحدها يعادل دعمها سنويا أكثر من 300 مليار ريال أو على مستوى السلع والذي لا يقل هو كذلك عن مئات من المليارات من الريالات .
وهذا التحوّل إلى الترشيد وخاصة في الطاقة والماء سوف يساعد الحكومة في تخفيف الأعباء ودعم الاقتصاد.

تاسعاً : إيجابية الأرقام المتحققة في الميزانية سواء من تقليص العجز و الاستمرار في الانفاق و ترشيده وانضباطه .. وتحقيق النمو في الناتج المحلي في ظل ما يشهد العالم من ركود وانكماش اقتصادي.

عاشراً : النظرة التفاؤلية التي حملتها لنا من خلال السير على الخطط المرسومة المعلنة  ووضع السيناريوهات المحتملة في حال حدوث أي مفاجآت للوصول إلى تحقيق رؤية السعودية 2030 بإذن الله


الخلاصة ..
ميزانية 2017 م كانت بمثابة التحوّل الفعلي في طريقة العرض ومشاركة الحكومة لكل من يعيش ويعمل على أراضيها من مواطنين ومقيمين وقطاع خاص وكانت الرسالة الصريحة بأن السعودية لا تزال تؤكد قوة اقتصادها وتأثيره على اقتصاديات العالم بالرغم من التغيرات الاقتصادية العالمية خلال الأعوام الأربعة الماضية .. وهذا كله بفضل الله وكرمه ثم بحنكة الحكومة ورغبتها في التغيير والتحوّل إلى اقتصاد منتج.


المقال منشور في صحيفة مال الاقتصادية على الرابط التالي:
http://www.maaal.com/node/84693


24/12/2016 - 10:57 pm | المشاهدات: 1835
القوائم الذكية المشروطه
الحقائب التدريبية
القائمة البريدية

كي تكون على معرفة ومتابعة للأخبار اولاً بأول
اشترك معنا بالقائمة البريدية